Faisal Al Mosawi breaks a record for the fastest 10 km scuba diving

يقولون " المستحيل في قانون الضعفاء فقط"، وهذا ما برهن عليه فيصل الموسوي، الغواص الذي استطاع رغم عجزه الحركي أن يكسر رقماً قياسياً عالمياً في غينيس للأرقام القياسيةلأسرع فترة لقطع مسافة 10 كم غوصاً خلال 5 ساعات و24 دقيقة، محطماً الرقم القياسي الذي كان يحمله الإيرلندي "كريستوفر هيلي" والمقدّر بـ 6 ساعات و21 دقيقة.

كسرٌ في العمود الفقري نتيجة حادثِ سيارة لم يكن كفيلاً بكسرِ عزيمته، بل زاده شغفاً بالوصول ورغبة بتحقيق المستحيل. فيصل الذي يبلغ الآن 33 عاماً، عاش طوال 20 عاماً كرياضيٍ شغوف إلى أن شلّ حادث سيارة أطرافه السفلية دون أن يشلّ من عزيمته شيئاً أو يثبط من محاولاته الكثيرة للحصول على رخصة غوص معتمدة. وقال فيصل: "أدركت بعد أربع سنواتٍ من الحادث الذي أحدث أهم انقلابٍ في حياتي أنني سأجعل من هذا الحادث ثاني أهم انقلاب وليس الأول. فسعيت جاهداً للحصول على رخصة غوص دولية معتمدة".

وأضاف فيصل: "حاولت كثيراً الحصول على رخصة معتمدة للغوص. ولأنها لم تكن مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، فقد استمرت هذه المحاولات كثيراً. إلى أن تكللت أخيراً بالنجاح في بداية العام 2009 وأصبحت على إثرها غواصاً دولياً معتمداً في المياه المفتوحة".

يقال بأن غريزة الخوف هي أقوى الغرائز على الإطلاق، أقوى حتى من غريزة البقاء. فكيف تغلب فيصل على خوفه من البحر؟ استكمل فيصل: "عانيت لوقت طويل من رهاب البحر إلا أنني بحثت عن السكينة من هذا الرهاب في أعماق البحر نفسه. كانت تجربتي الأولى في الغوص في الكويت، استطعت خلالها الوصول إلى قاعٍ في جزيرة (قاروه) ثم جلست على ركبتيّ. لقد شكلت لي تلك اللحظة تجربة لا تنسى. لا يزال وقع تلك اللحظة يصدح في داخلي إلى الآن، ولا أزال أحس بملمس الرمال هناك، وأستعيد في ذاكرتي دائماً مشهد السطح البانورامي من القاع".

فيصل الذي خاف البحر ماشياً، غاص فيه مقعداً، مالئاً قلبه شغفاً ونجاحاً. ليكون نموذجاً رائعاً للمقولة الشهيرة "أن الخوف من الشيء هو الوجه الآخر للفتنة به". استغرق فيصل عاماً من التدريب في مراكز الغوص، وشهراً إضافياً في المياه المفتوحة قبل أن يقدم على ما وصفها بأنها "أهم حدث للغوص عام 2018".

the fastest 10 km scuba diving 5

اللحظة التي سبقت قفزة فيصل لكسر رقم غينيس للأرقام القياسية

كلمات فيصل على تلك الصورة التي نشرها في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "انستاغرام" يوم التاسع عشر من أكتوبر عام 2018 تسطّر بالذهب، و نقتبس: "هالصورة قبل أهم غوصة لي بدقايق بسيطة.. شعور غريب.. مابين حماس وخوف.. ومابين تركيز وتشتت.. مابين قوة عقل وقوة قلب.. ومابين تحدي بين عقلي وقدراتي الجسدية.. كل اللي حواليني مثل خلية النحل.. يرتبون تجهيزات غوصتي خلف الكواليس.. إزعاج كبير حولي لكن صمت رهيب داخلي.. كنت رافض اسمع اي احد ورافض أكلم اي احد قبل هالغوصة.. كنت في عزلة رهيبة لمدة دقايق.. اسأل فيها فيصل الداخلي تقدر؟ كل اللي اسمعه منه توكل على الله وطب.. صورة ماراح انساها طول عمري.. صورة خلتني افهم فيصل الداخلي عدل.. واتاكد ان قدراته اكبر من اعاقته".

وجد فيصل نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، الانسحاب والتراجع، أو التغلب على الخوف والغوص. يقول: "قفزت أخيراً، تاركاً على كرسي المتحرك كل عجز وخوف صادفته في حياتي. ما هي إلا دقائق داخل المياه حتى أحسست أني حر، أني أغوص غير آبهٍ بثقل 26 أسطوانة أكسجين صغيرة أحملها معي. ثم تبددت كل الأصوات من حولي، ووجهت أنظاري إلى هدفٍ واحد، كسر الرقم القياسي العالمي، والعودة باللقب".

يذكر أن فترة الإعداد والتخطيط استغرقت حوالي سنةٍ واحدةٍ، ومن ثم استمرت مرحلة التدريب لـخمسة أشهر مكثفة، حتى كان ختامها في مدينة الغردقة بمصر لكسر رقم غينيس للأرقام القياسية.

the fastest 10 km scuba diving 6

صاحب الموسوي فريقٌ من الغواصين لضمان إجراءات السلامة، ولتزويده بالمياه والطعام خلال هذه التجربة. إلا أن ذلك لم يُعفيه من تحديات أخرها، فقد واجه الموسوي تياراتٍ مائية أثقلت كاهله لكونه كان يستخدم يديه فقط. ويجيب الموسوي عن تحديات أخرى واجهته: "لم يكن الخوف والعجز هما التحديان الوحيدان، فكما ذكرت كان تحدي الحصول على رخصة من أصعب ما ممرت به، كما أن جميع القوارب الموجودة لم تكن مؤهلة للإستخدام من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما صعّب مهمتي للغاية في التنقل".

واختتم الموسوي: " ليس هناك إلا شيء واحد يمكن أن يجعل الحلم مستحيلاً، إنه الخوف من الإخفاق. إن القرارات هي ما يتحكم بمصيرنا، لذا آمل أن أكون قد أوصلت رسالة الدمج الإجتماعي لأصحاب الاحتياجات الخاصة للجمجتمعات حول العالم. لقد كان هذا طموحي منذ البداية، وهو ما دفعني للإستمرار. سأواصل أهدافي وأتمنى كسر أرقامً قياسيةً أخرى أوصل من خلالها رسالتي الإنسانية للعالم أجمع".